- ما هي الاستشارة النفسية عبر الإنترنت وكيف يتم تنظيمها؟
إن الاستشارة النفسية عبر الإنترنت أو الاستشارة الإلكترونية هي استشارة كلاسيكية ولكنها تتم عبر الإنترنت باستخدام منصة رقمية محددة وأحيانًا عدة منصات في نفس الوقت. يمكن القيام بذلك عن طريق البريد الإلكتروني (الاتصال غير المتزامن)، أو عن طريق المراسلة الفورية (الاتصال المتزامن) اللتان يجب أن تكونا آمنتين. يمكن اختيار النظام السمعي البصري عبر الإنترنت أو اختيار الصوت فقط (عبر الكمبيوتر أو الهاتف الذكي) حيث يتبع المعالج النفسي السيبراني بروتوكولًا يقوم بتحديده بعناية. بعد انصال شخص به عبر الانترنت، يقرأ رسالته أو يستمع إليه عبر الإنترنت، كما يطرح عليه أسئلة ذات صلة ، و يرسل له استبيانا وشبكات تقييم واختبارات نفسية عن طريق البريد الإلكتروني الآمن للتعرف على حالته، ثم يحلل كل البيانات لتشخيصها. وأخيرًا، يقترح عليه بروتوكولا علاجيا من خلال تحديد الأهداف والوسائل التي سيستخدمها بالإضافة إلى منصات التواصل المناسبة التي سيستعملها مع مريضه.
وبالتالي، فإن الاستشارة عبر الإنترنت تجعل من الممكن تشخيص أي حالة بهدف إتباع إجراء ما. بفضل التشاور عبر الإنترنت ، يتم التعريف بالعلاقة بين الطبيب النفسي والمستخدم، ثم يقرر الطبيب النفسي إذا كان من الضروري أن يقوم بعلاج بالدعم عبر الإنترنت أو إذا كان من الضروري القيام بعلاج نفسي معمق عبر الانترنت دائما. في كلتا الحالتين ، يرسم المعالج بروتوكولا علاجيا ويقترحه على المتصل الذي ، من لحظة قبوله للعلاقة العلاجية ، يصبح مريضًا له . من هنا يتم تتبع برنامج علاجي محدد فيما يخص التاريخ والوقت والمدة الزمنية للاتصال عبر الإنترنت ، والوسائل المادية ، وعدد رسائل البريد الإلكتروني في الأسبوع أو كل يوم وما إلى ذلك. علاوة على ذلك، فإن الإعداد النفسي للمريض هو أمر حتمي تماما في العلاقة العلاجية عبر الانترنت. كما أن دفع مستحقات العلاج يكون بطريقة الكترونية حيث يكون هناك عقدا نفسيا رقميا و يكون مبلغ مستحقات العلاج متوافقا مع الأدوات المهنية المستخدمة (الاختبارات ، الاستبيانات ، شبكات التقييم ، إلخ) من طرف المعالج السيبراني.
وبالتالي ، تحدد مدة المراسلة الفورية (الدردشة المحترفة) وفقًا للحالة ووفقا لطريقة تناول المعالج النفسي الأهداف التي يسطرها لكل جلسة. تتراوح هذه المدة من 60إلى 90دقيقة و ينتهي العلاج النفسي بمجرد أن يتحسن المريض أوبمجرد أن يختفي الاضطراب أو المشكلة لديه. أما تتبع الحالة فيعتبر مهما جدا و يتم حسب كل الحالة حيث يكون اسبوعيا او شهريا او كل ثلاثة أشهر وبعد ذلك كل ستة أشهر. هذه المتابعة ضرورية للتعرف على عمق العلاج بعد تغيير السلوكيات والإدراكات و تعويضها بسلوكيات و ادراكات اخرى جديدة عبر الإنترنت.
هنا ، أفتح قوسًا مهمًا حيث يمكن للأخصائي النفسي السيبراني نقل بعض الأساليب التقليدية للعلاج إلى الفضاء السيبراني و استعمالها، لكن ليس كلها بل القليل منها فقط. بالإضافة إلى ذلك ، فإن تقييم المريض لذاته و سلوكياته في الحياة اليومية عبر شبكات ملاحظة ذاتية ونقلها للمعالج ، يعد مرحلة مهمة جدا لمتابعة تطور الحالة. في هذا السياق، وخلال تدخلي عبر الإنترنت، لاحظت أن مقاومة التغيير عند المرضى عبر الانترنت أقل من المقاومة بالنسبة للعلاج وجها لوجه . وبالتالي، فإن آليات الدفاع ضعيفة بفضل عناصر الفضاء السيبراني. هذه العناصر عبارة عن خصوصيات الفضاء السيبراني والتي يجب أخذها بعين الاعتبار من قبل المختصين النفسيين الإلكترونيين حتى يتمكنوا من إجراء علاجات بشكل صحيح وفعال. إن نقص المقاومة يحصل بمجرد أن يكون لدى المريض إحساس انه مختفي وراء شاشته و في منزله، وخصوصا شعوره أنه حر في وقف العلاقة العلاجية متى ما يريد، و ذلك فقط عن طريق إيقاف تشغيل الكمبيوتر أو الخروج من المنصة الرقمية الوسيطة. هذا الانطباع هو واحد من الخصائص النفسية للعلاقة العلاجية السيبرانية ويوفر بعض المرونة في العلاقة العلاجية. لكن مع كل هذا، يجب على المعالج النفسي أن يكون يقظا ويقلل أو يتجنب ما قد يوقف أو يعوق العلاقة العلاجية.
إن النتائج التي يتم الحصول عليها عن طريق الإنترنت تكون أحيانًا جدا ممتازة في غياب الحواجز النفسية عند بعض الفئات من الأشخاص ، خاصةً الفئات الخجولة أو التي تلقت صدمات نفسية هامة مثل الاغتصاب ، الكوارث الطبيعية ، المعاملة الوالدين السيئة، والاضطرابات الناتجة عن معاملة منحرفين نرجسيين الخ..
- ما هي المتطلبات التكنولوجية التي تتطلبها الاستشارة النفسية عبر الإنترنت؟
أولا وقبل كل شيء، قبل أي تدخل يجب التأكد من بعض العناصر ووضعها قبل الشروع في العلاج النفسي السيبراني و الذي يتسم بالمرونة ، حيث توجد دائمًا خطط بديلة. وهذا يعني ضمنيا وجود لوجستيات مناسبة ، وعقد نفسي ، ووسائل تقنية وبيئة حقيقية ملائمة للوضع العلاجي عبر الإنترنت. تختلف الوسائل التقنية وفقًا للعلاج الإلكتروني المختار. و هنا أنا أتحدث عن المنصات الخاصة بالاتصال حيث يستعمل بعض المختصين النفسيين الرسائل النصية ، و آخرين يستخدمون الصوت أو الفيديو أو كليهما في نفس الوقت ، و أولئك الذين يستعملون المنصات الثلاثة مع بعض. لذلك، عند كليا الجانبين (المعالج والمريض)، يكون الحد الأدنى المطلوب هو أن يملك المريض جهاز كمبيوتر أو لوحة رقمية أو هاتف ذكي متصل بالإنترنت مع تدفق جيد لتجنب انقطاع الاتصال خلال الجلسة العلاجية أو الجلسة الاستشارية ودائما يكون لديه بديل في حالة حدوث عطل مثل رقم هاتف بعد موافقة كلا الطرفين و ذلك من أجل تحديد موعد جديد للاتصال الشبكي الخ.
هناك طرق أخرى لتوفير العلاج اعتمادًا على الحالة ، وبعضها يتطلب سماعات رأس لتحسين الفهم الكلامي. ومع ذلك ، تجدر الإشارة إلى أنه يجب علينا توخي الحذر الشديد بشأن سرية التبادلات بين الأخصائي النفسي والعميل ، وبالتالي اختيار تطبيقات الاتصال حيث تتم حماية المحادثة من البداية إلى النهاية ومن الأفضل ، يجب أن يشجع الطبيب النفسي مريضه لتبادل رسائل بريدية إلكترونية مشفرة. هنا نحن نتحدث على الجانب التقني. أما فيما يتعلق الجانب البيئي ، فيجب على المريض بالضرورة اختيار مكان مناسب لبدء العلاج ومتابعته. قد يكون هذا المكان غرفة في منزله ، غرفته الخاصة ، مكان خارجي ، إلخ. خلاصة القول هي أنه يجب على الأخصائي النفسي السيبراني أن يتحكم في بعض العوامل الدخيلة مثل:
- الانقطاعات الفنية (الهاتف ، الضوضاء ، المنبه ، الخ)
- الانقطاعات البشرية (وجود أفراد الأسرة في الغرفة وما إلى ذلك)
- الانقطاعات البيئية ( مباراة كرة القدم ، ازعاج بيئي ، إلخ)
فيما يخص برنامج العلاج ، يقوم المعالج بإعداد الاختبارات والاستبيانات وكذلك شبكات المراقبة وشبكات التقييم الذاتي ليرسلها بشكل منتظم إلى مريضه وفقًا للجلسات العلاجية النفسية المتفق عليها.
- أين يتم تدريب الاخصائي النفسي لإجراء الاستشارات نفسية عبر الإنترنت؟
حاليا ، يتم تدريب علماء النفس الذين يستخدمون الفضاء السيبراني للقيام بالاستشارة والعلاجات من قبل المتخصصين في هذا المجال الذين سبق وأن عملوا كمعالجين سيبرانيين. هؤلاء هم عادة أساتذة جامعيون منتسبين إلى أقسام علم النفس. إلا أنه تجدر الإشارة إلى أنه ليس كل الجامعات في العالم تقدم هذا النوع من الدراسة لأن العلاج النفسي السيبراني حديث الوجود، وقد ولد بين عامي 1992و 1993في الولايات المتحدة مع دراسات وممارسات الدكتور جون M. Grohol الرائد في هذا المجال دون منازع(@DocJohnG). . في عام 1999، كان الموقع الأول الذي قدم استشارة عبر الإنترنت في الجزائر هو الموقع الذي صممته بنفسي باسم "Nafsiyat" و الذي بقي حتى الآن الموقع الوحيد في بلدي الذي يقدم خدمات عبر الإنترنت ويقوم على دراسة أكاديمية دامت ست (06) سنوات حول الاستشارة النفسية السبرانية والتوجيه النفسي السيبراني. سنة 2007، أضفت إلى موقعي خدمة العلاج النفسي عبر الإنترنت (العلاج الإلكتروني أو العلاج السبراني) باسم "نفسيتي"."Nafsiyaty"
وهكذا ، وبالحديث عما يجب القيام به ، يجد علماء النفس الجدد من الطلاب والباحثين فرصة لتحسين و تثقيف أنفسهم في الجامعات التي تمكنت من فتح تخصص علم النفس السيبراني ، بما في ذلك العلاج الإلكتروني في دوراتهم النظرية والعملية.
إن تعريفي لعلم النفس السيبراني هو تلك "الدراسة التي تدرس تأثير التكنولوجيات الحديثة على الإنسان من خلال تقييم سلوكه وعواطفه وإدراكه وتصوراته ودوافعه وتطوره في الفضاءالسيبراني من أجل تشجيع أفضل الممارسات وعلاج أي انحراف وأي اضطراب نفسي الذي قد ينتج عن الاتصال غير المناسب بين الإنسان والآلة".
لذلك ، يمكن تدريب الاخصائي النفسي من قبل أخصائيين نفسيين آخرين والذين يمكنهم إرشاده وإعطائه الوسائل والأدوات اللازمة لإجراء استشارته عبر الإنترنت من خلال تعليمه نقل خبرته الأكاديمية الى عالم الإنترنت من خلال تكييفه مع هذا الأخير و الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الفضاء السيبراني.
- ما هي مزايا وعيوب الاستشارة النفسية عبر الإنترنت؟
بادئ ذي بدء، سأبدأ بالعيوب لأنه لا يوجد سوى القليل منها مقارنة مع المزايا. تدور هذه العيوب حول السرية، واحترام المريض واحترام خصوصيته الشخصية والتي نجدها في مدونة السلوك الأخلاقي، والتي تخص تأمين البيانات الشخصية (محتوى الرسائل ، والصوت أو الفيديو بين المريض و معالجه النفسي الخ.) بالإضافة إلى خطر التوقف عن العلاج بطريقة مفاجئة دون إمكانية الاتصال بالمريض مرة ثانية. إن الاستشارة النفسية أو العلاج النفسي مرتبطان دائما بإنهاء طوعي أو غير طوعي للعلاقة المهنية أو انقطاع في أداة الاتصال (الكمبيوتر الشخصي أو الهاتف الذكي أو الجهاز أللوحي أو برنامج الواقع الافتراضي).
أما فيما يخص مزايا الاستشارة النفسية فهناك لحسن الحظ الكثير منهم تساعدنا نحن الأخصائيون النفسيون السيبرانيون على تقديم علاج أفضل من العلاج وجها لوجه في بعض الحالات . من هذه الميزات:
- التنقل: إن المريض غير ملزم بالتنقل إلى مكتب أخصائي علم النفس من أجل الاستشارة النفسية أو العلاج. وهذا أمر جيد بالنسبة لذوي الإعاقات الحركية ، و الأشخاص الذين يعانون من خوف من الأماكن المفتوحة والذين يعانون من الرُهاب الاجتماعي و أيضا الأشخاص المنطويين الذين يعانون من صدمات نفسية تجبرهم على المكوث في البيت و أيضا الأشخاص المسنين إلخ.
- التكلفة: لن يضطر المريض إلى دفع تكلفة تنقله ذهابا وإيابا عند الأخصائي النفسي بل يدفع فقط مستحقات العلاج بطريقة إلكترونية و ذلك بعد قيامه بمقارنة الأسعار وأساليب عمل مختلف الأخصائيين النفسيين على الإنترنت والتي تمكنه من اخذ احتياطاته المالية .
- إمكانية حفظ البيانات: يمكن حفظ التبادلات بين المريض و معالجه النفسي (البريد الإلكتروني الرسائل المتزامنة أو اللامتزامنة، الفيديو ، البيانات الصوتية ، إلخ) وهو أمر مهم للغاية لتتبع المريض وأيضاً لتوجيهه إلى أخصائي نفسي آخر أو فريق متعدد التخصصات. إن استعمال "قواعد البيانات المتسلسلة" Blockchain من أجل النسخ الاحتياطي الآمن لبيانات المرضى وتنقلها ما بين المهنيين في جميع أنحاء العالم سيساهم ولا شك في تطوير العلاج الإلكتروني عبر الإنترنت بأقصى قدر من الكفاءة والحد الأدنى من الخطأ.
-التحفظ : سيشعر المريض بشكل أفضل عندما يعلم انه لن يضطر للتوجه للأخصائي النفسي أمام مرأى عائلته أو أصدقائه أو جيرانه . هذا سيمنحه ثقة أفضل في نفسه ويسمح له بالتعاون مع الأخصائي دون حرج .
- التناوب: يمكن أن يتابع الأخصائي النفسي السيبراني شخصين او ثلاثة أشخاص بالتناوب وذلك في نفس الوقت، وهذا باستعمال منصات الكترونية مختلفة . وهذا يكون ممكنا خصوصا عبر الرسائل النصية المتزامنة أو غير المتزامنة (البريد الإلكتروني، المحادثة الالكترونية عبر الكتابة، الخ). هذه الطريقة توفر الوقت كثيرا على الأخصائي النفسي.
bPsy